الشيخة جواهر تطالب بدعم عاجل لحماية النساء والأطفال السوريين

الشارقة: طالبت قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رئيسة مؤسسة القلب الكبير، أفراد المجتمع في الدول العربية كافة، وبقية أنحاء العالم، بضرورة تقديم الدعم العاجل والمتواصل لحماية النساء والأطفال اللاجئين من التشرد والعنف والاستغلال وضمان حماية كرامتهم الإنسانية في دول اللجوء.
ونوهت سموها بأن أزمة اللاجئين، وتحديداً اللاجئين السوريين، ستدخل في نفق مظلم لا يمكن لأي حكومة أو مؤسسة دولية أن ترى نهايته، ما لم تتوحد الجهود الحكومية والمجتمعية كافة للعمل ضمن إطار واحد ومنظم لتوفير احتياجات ومتطلبات اللاجئين في الدول المستضيفة، والعمل على رعاية النساء والأطفال الذين هم الأكثر تأثراً بتداعيات الأزمة.
جاء ذلك خلال زيارة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي إلى أحد مراكز اللاجئين التابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إسطنبول تركيا، حيث التقت سموها مجموعة من السيدات السوريات اللاجئات والمقيمات حالياً في تركيا، واستمعت منهن إلى أوضاعهن الحالية والمعاناة التي لحقت بهن جراء تركهن لوطنهن وبيوتهن واللجوء إلى أرض آمنة بعيداً عن التوتر والخوف والموت.
ودعت المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أفراد المجتمع العربي والعالم أجمع إلى تحمل جزء من واجبهم الإنساني تجاه قضية اللاجئين السوريين.
وقالت سموها «لا يمكن لأي شخص عربي، غنياً كان أم فقيراً، أن يقف موقف المتفرج على ما يتعرض له أشقاؤنا السوريون في رحلة لجوئهم إلى دول آمنة، هنالك كثير من الدول التي استضافت اللاجئين وتحملت أعباء تفوق قدراتها بكثير لحماية اللاجئين، نتيجة الأعداد الكبيرة التي تتدفق يومياً من سوريا تجاه دول الجوار، كتركيا والأردن ومصر ولبنان، واليوم كل إنسان في هذا العالم مطالب بأن يتخيل نفسه مكان هؤلاء اللاجئين، وأن يقوم بواجبه تجاه ما يتعرضون له يومياً، سواء كان ذلك في رحلات الموت عبر البحار، أو في مخيمات اللجوء، وأن ينظر للأطفال اللاجئين الذين فضلوا العمل والشقاء على مقاعد الدراسة والملاعب لإعالة أسرهم بكسرة خبز وشربة ماء آخر النهار».
وشددت سموها على ضرورة توفير التعليم للأطفال اللاجئين وإلزام الأهالي بإلحاق أطفالهم بالمدارس ومتابعهم تحصيلهم العلمي. مشيرة إلى أن تركيا تضم العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، حيث استقبلت تركيا أكثر من مليوني لاجئ سوري قدموا إليها خلال السنوات الأربع الماضية، وهذا بالتأكيد يشكل عبئاً اجتماعياً واقتصادياً على أي دولة حول العالم، والمحزن في الأمر أن أكثر من 400 ألف طفل من هؤلاء اللاجئين هم خارج مقاعد الدراسة منذ سنوات، وهذا يعني أن معاناتهم لن تنتهي مع انتهاء الأزمة، بل ستمتد إلى بقية أيام حياتهم نتيجة انقطاعهم الطويل عن الدراسة، وبالتالي التأثير السلبي سيطال الطفل ومستقبله وأسرته ووطنه، لذلك يجب علينا الاستثمار في قطاع تعليم الأطفال اللاجئين، وحشد الدعم المعنوي والمادي لضمان مواصلة هؤلاء الأطفال لدراستهم، مؤكدة أنه إلى جانب الدعم المادي فإن ذلك يتطلب أيضاً دعماً معنوياً وتوعوياً للأهالي الذين نتيجة للظروف القاسية التي يعيشونها قد تغيب عنهم أهمية وضرورة مواصلة أبنائهم للدراسة أكثر من أي وقت مضى. وناقشت سمو الشيخة جواهر بنت محمد لقاسمي فكرة إنشاء ملاجئ خاصة للسيدات والأطفال في الدول المستضيفة للاجئين، تخصص للنساء اللاجئات وأطفالهن اللواتي لا يوجد لديهن معيل لحمايتهن تحت إشراف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وحكومة الدولة المستضيفة.
وقالت «نتيجة الحروب التي تشهدها المنطقة منذ أكثر من أربع سنوات، ونتيجة الموت الذي بتنا نشهده يومياً في بعض الدول العربية، وتحديداً في سوريا، نرى اليوم العديد من النساء والأطفال بلا زوج، أو أب، أو أخ، وذلك يجعلهم عرضة للاستغلال والعنف من قبل ضعفاء النفوس، وبالتالي ستتفاقم معاناتهم وستمتد إلى أبعد مما هي عليه الآن، لذلك أدعو إلى أن يكون هنالك توجه عربي ودولي سريع لإنشاء ملاجئ خاصة بالنساء والأطفال لحمايتهم وتوفير منطقة آمنة لهم تتوفر فيها المتطلبات الأساسية لحياة آمنة وصحية». كما التقت سموها خلال زيارتها لاسطنبول، اليف سيلين أي، مديرة مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إسطنبول، وكريم الأتاسي نائب مدير مكتب المفوضية السامية في العاصمة التركية أنقرة، وحسام شاهين المدير الإقليمي للشراكات الخاصة لمنطقة الشرق الأوسط في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وتم خلال الاجتماع استعراض آخر المستجدات المتعلقة بشؤون اللاجئين في المنطقة بشكل عام، وفي تركيا تحديداً، حيث استعرضت سموها مع إدارة مكاتب المفوضية في تركيا أهم المتطلبات الحالية لمواصلة دعم وحماية اللاجئين هناك.
من جانبه، أشاد كريم الأتاسي بالجهود الكبيرة التي تقوم بها سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، بصفتها المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين ومن حرصها الشخصي كونها إنسانة تقدر معنى الإنسانية وتحترمها. وأكد أن ما تقدمه سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، وإمارة الشارقة، من دعم والتزام تجاه قضية اللاجئين يعبر عن مدى أصالة أهل دولة الإمارات والتزامهم الدائم تجاه القضايا العربية والإنسانية، وهذا ما اعتدنا عليه دوماً من قبلهم.
واستعرض الأتاسي أمام سمو الشيخة جواهر بعض التحديات التي تواجه اللاجئين والمؤسسات الداعمة لهم في تركيا.
وقال إن المشكلة الأعظم التي تواجهنا هنا هو نقص الموارد والتمويل والأعداد الكبيرة لللاجئين السوريين، إلى جانب الجنسيات الأخرى من العراق وأفغانستان والصومال، وغيرها من الدول التي تشهد أزمات، لدينا حالياً أكثر من مليوني لاجئ سوري معظمهم بحاجة إلى مأوى وغذاء ورعاية صحية، وأكثر من مليون وتسعمائة ألف لاجئ منهم خارج المخيمات موزعين بين الولايات والمدن التركية وهذا يتطلب منا جهوداً وميزانيات إضافية لخدمتهم. ونوه بأن الحكومة التركية لم تدخر جهداً ودعماً لمساعدة اللاجئين إلا أن المتطلبات الكبيرة والعاجلة تفوق تحمل دولة واحدة، وأن ما يتم تمويله من الميزانيات المطلوبة لا يصل إلى النصف في أغلب الحالات ويبقى العجز قائماً لتقديم متطلبات اللاجئين كافة.
ودعت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي في نهاية اللقاء، إلى ضرورة عمل المفوضية والحكومات مع المجتمع المدني لتطوير مشاريع جديدة خاصة باللاجئين في الدول المستضيفة للمساهمة في توفير فرص عمل للرجال والنساء، وتمويل الرعاية الصحية والتعليم للأطفال في تلك الدول حيث على المجتمع الدولي التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين بجدية أكبر ونظرة مستقبلية على مستقبلهم ومستقبل المنطقة بأسرها.