6 تحديات أمام تحقيق التكامل في الجهود الداعمة للاجئين

يشهد العالم اليوم أعلى مستويات النزوح المسجلة لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حيث ينزح شخص واحد كل ثانيتين نتيجة النزاعات أو الاضطهاد. وقد أجبر 68.5 مليون شخص في كافة أنحاء العالم على الفرار من ديارهم، وهو رقم لم يسبق له مثيل. كما أن من بين هؤلاء حوالي 25.4 مليون لاجئ، وأكثر من نصفهم دون سن الـ 18 عاماً.

وعلى الرغم من تنامي المساعدات الإنسانية للاجئين على مستوى العالم، إلا أن الكثير من الجهود لا تتبلور بشكل كاف إلى مشاريع ومبادرات وبرامج مستدامة. وفي هذا الإطار، حددت مريم الحمادي مدير مؤسسة القلب الكبير، المؤسسة الإنسانية العالمية المعنية بمساعدة اللاجئين والمحتاجين حول العالم، ست تحديات لا تزال تشكل حافزاً أمام الحراك المجتمعي والمؤسساتي لتفعيل مبادرات لمناصرة اللاجئين ودعم قضاياهم خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيرةً إلى أن فهم قضية اللجوء بشكل أعمق يساعد المؤسسات الإنسانية في تحديد احتياجاتهم كافة، وذلك على ضوء ما تقوم به المؤسسة من جهود سواء من ناحية نشر المواد الإرشادية وتعزيز الوعي بالسبل الكفيلة بدعم اللاجئين أو من ناحية حرصها على تكريم أفضل المبادرات الفردية أو المؤسسية ضمن جائزة الشارقة الدولية لمناصرة ودعم اللاجئين.

ويتمثل التحدي الأول بحسب الحمادي في المعرفة الصحيحة لمصطلح اللاجئ، فهو أولاً إنسان، أي أن اللجوء القسري لا يفقد الإنسان إنسانيته أو الحقوق المترتبة عليه، من هنا يجب بذل الكثير من الجهود لتعزيز الوعي بحقوق اللاجئين. وتعتبر الحمادي التعامل مع قضايا اللاجئين غالباً ما يتم من باب توفير الحد الأدنى من مسلتزمات العيش، بينما حق اللاجئ يتجاوز هذا الحد الأدنى بكثير، إذ يجب أن يتمتع بحقه في الحماية والرعاية والأمن وحقه في الحياة كإنسان، أي له حق مركب، حق اللاجئ وحق الإنسان. والتعريف بهذا الحق المركب هو مسؤولية المنظمات والناشطين والشباب في جامعاتهم ومعاهدهم ومجتمعاتهم.

وعن التحدي الثاني تقول الحمادي إنه غياب الوعي الكافي بالقوانين على مستوى المجتمعات كافة في العالم مما يستدعي تكثيف الحملات التوعوية بالقوانين الدولية وحث المجتمعات على الدفاع عنها لحماية اللاجئين من أي ظلم قد يلحق بهم.
أما التحدي الثالث، فهو ضعف الشراكة الاجتماعية، وهنا تدعو الحمادي إلى عدم اختزال مهمة التعامل مع اللاجئين بيد المؤسسات والمنظمات فقط، لأن هذا من شأنه فصل المجتمع عن مهامه وواجباته، فكل شخص يستطيع المساهمة إما بالموقف الإنساني أو الدعم المادي. ويمكن حث الطلبة في المدارس والجامعات على مستوى العالم على إطلاق مبادرات مثل “تبرع بمصروف يوم واحد” بهدف تقريب كل شاب وشابة من هذه القضية الإنسانية وإشراكهما في مسؤولية التصدي لها.
ومع ضعف الشراكة الاجتماعية يبرز التحدي الرابع وهو كيفية إبقاء قضية اللاجئين حية، وتقترح الحمادي مزيداً من التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والاجتماعية بحيث يتم تعيين يوم في الشهر تعقد فيه حلقات عصف ذهني للطلبة للخروج بتصورات حول آلية دعم اللاجئين ومساندة حقهم في الحياة الكريمة، على أن تعمَّم هذه التجربة على أكثر من بلد وترفع توصيات جلسات العصف الذهني التي تركز على تفعيل دور المجتمعات لدعم ىاللاجئين للجهات المعنية محلياً وعالمياً.
فيما يشكل الدعم المالي الدولي التحدي الخامس، تؤكد مدير مؤسسة القلب الكبير على أهمية تجاوز هذا التحدي من خلال سعي المؤسسات المالية العالمية إلى توفير الدعم من أجل تمكين وتدريب اللاجئين وتسهيل مهمة تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة يعملون بها من ناحية، وإدماجهم في العمل الاقتصادي والاستفادة من مواهبهم وقدراتهم في المجتمعات المضيفة من ناحية ثانية، إلى جانب التعامل بشكل خاص مع منتجات المشاريع التي يعمل بها اللاجئون لتسهيل تسويقها.
أما التحدي السادس فتختصره الحمادي بالقول: لا تزال قضية اللاجئين حكاية من طرف واحد، والحاجة ملحة اليوم، لرواية الحكاية من الطرف الثاني؛ أي أن يتحدث اللاجئون عن احتياجاتهم وما يتوقعونه من المنظمات الإنسانية، ويظهرون أثر المساعدات على حياتهم.